التواصل الحضري التاريخي المعماري
الصناعات التقليدية
العمارة السكنية والفضاءات الثقافية
تعايش ديني حضري تاريخي
المتاحف وصفاقس والبحر‎
اكتشف

البلاغـجـيـة والصبابطية

البلاغجية ويقال أيضا البلغاجية، هم صانعو البلغة وقد جاء في المعاجم أن البلغة بالضمّ نوع من الأحذية يكثر في بلاد المغرب. أما الصبابطية فهم صانعو الصبّاط بتشديد الباء وهو حذاء عصري، وتلك كلمة منحدرة من اللغة الفرنسية، دخلت حديثا إلى المعجم المحلي مع دخول هذا النمط الجديد من الأحذية. أضحت مدينة صفاقس منذ عدة عقود عاصمة للحذاء والبلاغجية هناك حرفيون مهرة في صنع الأحذية بجميع أنماطها. ولقد غزا الحذاء المصنوع بصفاقس - وهو نتاج تضافر العمل اليدوي والآلي - كامل البلاد وحتى بلاد المغرب الكبير وجنوب الصحراء.

البلاغـجـيـة والصبابطية

البلاغجية ويقال أيضا البلغاجية، هم صانعو البلغة وقد جاء في المعاجم أن البلغة بالضمّ نوع من الأحذية يكثر في بلاد المغرب. أما الصبابطية فهم صانعو الصبّاط بتشديد الباء وهو حذاء عصري، وتلك كلمة منحدرة من اللغة الفرنسية، دخلت حديثا إلى المعجم المحلي مع دخول هذا النمط الجديد من الأحذية. أضحت مدينة صفاقس منذ عدة عقود عاصمة للحذاء والبلاغجية هناك حرفيون مهرة في صنع الأحذية بجميع أنماطها. ولقد غزا الحذاء المصنوع بصفاقس - وهو نتاج تضافر العمل اليدوي والآلي - كامل البلاد وحتى بلاد المغرب الكبير وجنوب الصحراء. يؤكد المؤرخون أن صناعة البلغة بصفاقس ظلت مزدهرة طيلة قرون عدة وخاصة خلال القرن 18 إلى منتصف القرن الموالي حيث تم تصديرها بحرا إلى بلاد المشرق، كمصر والحجاز بصفة خاصّة، وهي من البضاعة التي يميل الحجاج إلى نقلها معهم لمقايضتها ببضاعة أخرى أو للاتجار بها تسهيلا لأداء فريضتهم. وقد كان البلاغجية وقتها منتصبين بسوق العقبة بالمدينة العتيقة وهو نهج متفرع عن نهج المنجي سليم اليوم، والعقبة هي عقب الحذاء أو كعبه. البلغة نعل خفيف بدون عقب، ينتعله الرجل ضمن اللباس التقليدي، الجبة وما تبعها من صدرات (الفرملة، البدعية، المنتان...). وهي مصنوعة من الجلد ذي اللون البني، أما المرأة فتلبس الدماق والبشمق أو نعلا يقد وجهه من الحرير، ويسمى شبرلّة وتستعملها في المحافل أكثر ممّا تستعملها عند الخروج. تتكوّن البلغة من ثلاثة أجزاء: ساقيّة النعل أو الرقعة التي تغطي الوجه الأمامي، والخصر أي الجناحان مع العقب (العاقب) الذي يكون منثنيا ومفتوحا ويقد كلا الجزئين من جلد الجديان ويتم تبطينهما بجلد الضأن (البطانة). أما الجزء الثالث، فيتمثل في النعل الباطن أو السفلي (الماشطة)، وهو من جلد البقر. تتخذ البلغة عدّة مقاسات حسب أحجام ماشطة أرجل الزبائن، كما تتخذ عدّة ألوان منها لون الجلد الطبيعي (بني فاتح) أو المصبوغ بدرجات اللونين البني والأسود. أما أكثر الألوان المطلوبة، فهي مرتبطة بألوان الجبّة التي يلبسها الرجل، فهناك الخمري (أحمر غامق)، والسكروتة (أصفر فاتح) والقمراية البيضاء. مراحل العمل في صنع البلغة مقننة حسب العرف السائد. في البداية، يتم رسم شكل النعل على جلد البقر أو البعير بعد بلّه، ثم يقص بواسطة مقراض كبير الحجم (جلم). وبعدها، تفصل ساقيّته (الرقعة) بجناحيها ثم العقب من جلد الجدي و بطانتها من جلد الضأن فوق منضدة خشبية قائمة عل ثلاثة أرجل، تسمى القرميل. وإثرها، يتم ضم تلك القطع الجلدية إلى بعضها البعض بالخياطة (تَنْبِيل) مع الحرص على تغطية شفر الجلد (بردورة). تخاط الرقعة مبطنة على قفاها إلى النعل بالاستعانة بمثقب يسمى إشفة: يتم ثقب الرقعة والنعال ثم ضمهما إلى بعضهما البعض بواسطة إبرتين وخيط من القنّب (سباولو) بعد تشميعه أي دهنه بشمع أصفر (شهد النحل). وفور هذه المرحلة، يتولى الحرفي قلب الرقعة على وجهها فيضع لها نعلا داخليا من جلد الضأن أيضا (فرّاشة)، ويلبسها قالبا خشبيا، ثم يشرع في تطويعها وطرقها على القالب بضربها بمضرب نحاسي مخروطي الشكل (مشطة)، وفي تشفير نعلها، فيسوي جوانبه بواسطة الشفرة، وهي نصل حديدي، طوله حوالي 15 سنتمترا تقريبا، ويصقله مستعملا يدا قدت من خشب الصفصاف تسمى ستيكيتة ثم يُترك الشغُل جانبا حتى يجف الجلد. وعقب ذلك، تدخل البلغة آخر مراحل صنعها، فيتم تمليسها أي تلميع الجلد بواسطة الصابون والماء ثم دلكه بالقارص لتلميعه، وتكون آخر مرحلة نزع القالب لتصبح البلغة جاهزة للانتعال. لقد شهدت البلغة أوج انتشارها بالمدن التونسية خلال فترة العشرينات من القرن العشرين وكانت مقترنة باللباس التقليدي، ولما انحسرت تقاليد الملبس، إلا في بعض المناسبات الدينية والحفلات العائلية كعقد القران، تراجعت صناعة البلغة وقل عدد الحرفيين الذين يحذقون معارف العمل المتعلقة بصنعها، فأضحت من رواسب التراث المحلي. وحتى في تلك المناسبات، يفضل لابسو الجباب انتعال الكنترة، وهي مزيج من البلغة والحذاء الإفرنجي (صباط)، إذ أن رقعتها رقعة بلغة وكذا عقبها المنطوي، ونعلها نعل صباط. وفي المقابل، ازدهرت صناعة أنماط جديدة من النعال والأحذية، وبلغ الحرفيون في إجادة عملها المبالغ، فانتشر نشاطهم وراج، وتجاوز بذلك المجال الاقتصادي المديني التاريخي والأسواق التقليدية.

اقرأ المزيد