التواصل الحضري التاريخي المعماري
الصناعات التقليدية
العمارة السكنية والفضاءات الثقافية
تعايش ديني حضري تاريخي
المتاحف وصفاقس والبحر‎
اكتشف

نجارة الجبوس

يراد بكلمة زبوس أو زبوز أو جبوس وهي كلمة من أصل أمزيغي، الزيتون البري أو المسن والذي انقطع إنتاجه، أما الزيتون المنتج فيسمى أزمور. يُستخدم خشب الزبوز وكذلك أغصان الشذب في صنع مكملات بعض الأدوات الزراعية، والأواني ذات العلاقة بالطبخ والأكل، كما توظف أغصان شجر الزيتون في البناء لربط الجدران. أما الجذوع، فمنها تصنع التحف وبعض الأنواع من الأثاث التي أصبحت اليوم محبذة في تأثيث الحدائق.

نجارة الجبوس

يراد بكلمة زبوس أو زبوز أو جبوس وهي كلمة من أصل أمزيغي، الزيتون البري أو المسن والذي انقطع إنتاجه، أما الزيتون المنتج فيسمى أزمور. يُستخدم خشب الزبوز وكذلك أغصان الشذب في صنع مكملات بعض الأدوات الزراعية، والأواني ذات العلاقة بالطبخ والأكل، كما توظف أغصان شجر الزيتون في البناء لربط الجدران. أما الجذوع، فمنها تصنع التحف وبعض الأنواع من الأثاث التي أصبحت اليوم محبذة في تأثيث الحدائق. حسب المرجح، لم يكن لهذه الحرفة سوق مختص، إنما يرى بعض المؤرخين أن نجاري الجبوس كانوا منتصبين سابقا حذو الحدادين في سوق واحدة وهو النهج الذي يحمل اسمهم. أما اليوم، فلم يبق من هذه الحرفة الأصيلة سوى عدد ضئيل من المشاغل التي تحتل جوف نهج المنجي سليم حاليا والباي سابقا. تلك الدكاكين ذات الأرضية المرتفعة لأن العمل يتم فيها جلوسا، تمثل فضاء للصنع وللبيع في الآن نفسه، ويشتغل فيها الحرفي ويتحول إلى تاجر عند الاقتضاء، وقد كان ذلك شأن الحرفيين المنضوين تحت لواء طوائف مهنية متخصصة، في كل الأسواق التقليدية تقريبا. مهما يكن نوع الغرض المزمع صنعه، وجب في البداية قص جذوع الشجر بمنشار كبير الحجم ذي مقبضين خشبيين يتطلب استخدامه تضافر جهد عاملين، ثم يتولى الحرفي قص أغصان الزيتون الكبيرة بمنشار ذي مقبض واحد يسمونه سارق، والصغيرة بمنشار صغير الحجم ذي نصل مقوس الشكل يسمى تسترة. بعدها، يشرع في نزع الغصينات والشوائب عن قطعة الخشب وإعدادها للعمل، مستخدما القادوم (قادومة). كما يستعين بأداة تسمى القصاص وتتكوّن من مقبض اسطواني الشكل موصول بنصل مسطح ومستطيل الشكل، طرفه مشحوذ، لغاية قص الخشب وثقبه ولتدوير الحنايا. إثر ذلك، يقوم بصقل الخشب بواسطة الغزالية، وهي مسحاج صغير الحجم. وحسب نوع المشغولات يستعمل الحرفي مجموعة من المناحت ذات الأحجام المختلفة والأنصال المتنوعة، من مستقيمة القطع إلى مقوسته، ويسمى النمط الأول مربوعا، وتنحت به الأشكال المستقيمة، والثاني ظفرة، وتنحت به الأشكال المنحنية، وتتم تلك العملية الدقيقة بالضغط يدويا على مقبض المنحت الخشبي أو بضربه ضربا خفيفا بمطرقة خشبية تسمى تكماك. إذا تعلق الأمر بصنع أغراض أو عناصر ذات شكل مستدير واسطواني مثل الخذاريف وأيادي المهاريس، يستخدم الحرفي مخرطة يدوية بسيطة، تتكون من قاعدة خشبية لها جانبان قائمان، أحدهما متحرّك، وبكل واحد منهما سن حديدي متجه إلى الآخر، توضع بينهما قطعة الخشب المراد خرطها، ثم يدير الحرفي المخرطة بيده اليسرى ويشد بيمناه الظفرة لخرط الخشب. من أهم الأغراض التي ينتجها نجارو الزبوس مقابض الأدوات الزراعية مثل المعازق والأمشاط والرفوش والمناجل وكذلك المكملات الخشبية للمحاريث والمحاش وعربات درس سنابل الحبوب (الجاروشة، الكريطة)، وكذلك الآنية المطبخية مثل الملاعق (غنجاية) والمغارف (غميقة) والمهاريس (هرّوسة) وقوالب المقروض وأغراض أخرى مختلفة كالمغازل وأغطية المواجل وبكرات الآبار والجزء الخشبي من رحل البعير وغيرها كثير. يمارس اليوم هذه الصناعة التقليدية عدد قليل من الحرفيين المسنين ممن حذقوا معارف العمل المتعلقة بها، بالتداول عبر الأجيال، لكن قد يتوقف نقل تلك المعارف يوما إذا ما انتفت الحاجة إلى منتجاتها وإذا عزف عنها الشباب. في حقيقة الأمر، كان هذا النشاط مرتبطا بفصول السنة وبتواتر الأعمال الفلاحية، إذ يزود المزارعين من جهة صفاقس وظهيرها بمكملات أدواتهم الزراعية، لكن تلك الأدوات أصبحت اليوم تصنع آليا بالمصانع العصرية، مما يهدد نجارة الجبوس في صبغتها التقليدية بالاندثار والانقراض التام. وفي المقابل، أضحى ذلك النشاط محل تثمين فني مكّن من إنتاج أغراض مختلفة بتقنيات حديثة، صالحة للتزويق والتأثيث، ولكن خارج المدينة العتيقة، وقد وجدت لنفسها رواجا في السوقين الداخلية والخارجية.

اقرأ المزيد