التواصل الحضري التاريخي المعماري
الصناعات التقليدية
العمارة السكنية والفضاءات الثقافية
تعايش ديني حضري تاريخي
المتاحف وصفاقس والبحر‎
اكتشف

برج القلال

إذا استثنينا الفضاءات الثقافية ذات الصبغة الرسمية والمنتصبة بمدينة صفاقس وببعض أحيائها، فإنه يصعب وجود فضاءات خاصة، تقوم بأنشطة متواصلة محققة النجاح تلو النجاح، وإن افترضنا جدلا وجودها، فإنه من المستبعد أن يكون ذلك من باب التبرع. برج القلال هو فضاء ثقافي خاص، يقع خارج المدينة، وقد تبرع به أحد أبناء المنطقة المتنورين، نصير الثقافة والفكر والفن، لفائدة العمل الثقافي، بل أكثر من ذلك، هو الذي أنفق على ترميه وتهيئته وتجهيزه.

برج القلال

إذا استثنينا الفضاءات الثقافية ذات الصبغة الرسمية والمنتصبة بمدينة صفاقس وببعض أحيائها، فإنه يصعب وجود فضاءات خاصة، تقوم بأنشطة متواصلة محققة النجاح تلو النجاح، وإن افترضنا جدلا وجودها، فإنه من المستبعد أن يكون ذلك من باب التبرع. برج القلال هو فضاء ثقافي خاص، يقع خارج المدينة، وقد تبرع به أحد أبناء المنطقة المتنورين، نصير الثقافة والفكر والفن، لفائدة العمل الثقافي، بل أكثر من ذلك، هو الذي أنفق على ترميه وتهيئته وتجهيزه. يبعد برج القلال عن مركز مدينة صفاقس ما يقارب سبعة كيلومترات على طريق ﭬـرمدة المؤدية إلى مدينة القيروان، ويقع في ثنايا إحدى السكك المتفرعة عنها، وينتمي إلى الجيل الثاني من المساكن الضحوية التي برزت للوجود في أواخر القرن السابع عشر بظهير صفاقس والتي كانت تتوسط بساتين فسيحة الأرجاء، مزروعة أشجارا مثمرة، وتسمى جنانا. يمثل جنان صفاقس (تستعمل الكلمة محليا في صيغة الجمع للدلالة على المفرد) سكنا ضحويا منتثرا وشبه حضري وهو أساسا سكن صيفي لقاطني المدينة. عندما يحل فصل الصيف، وقبل أن تلفحهم حرارة الشمس، يشد سكان المدينة الرحال إلى جنانهم، بعيدا عن اكتظاظها وازدحامها، ولا يبرحونها سوى بعد هطول غسالة النوادر في آخر الصيف أو أول أيام الخريف، وهي مطر ترطب حرارة الطقس وتبشر بعام خير. يتوسط الجنان إذن مكان الإقامة وهو البرج، وقد سمي هكذا لصبغته الدفاعية، مما يفسر شكل الأبراج الأولى الهرمي الشبيه بأسوار المدينة، والتي انتصبت وقتها بمجال ضحوي غير آمن. في فترة لاحقة، لما استتب الأمن في ظاهر المدينة وتطورت أنماط العيش بها، بدأ عدد من سكان المدينة يهجرونها ويستقرون بصفة دائمة بالجنان، وبذلك شهدت الأبراج تغييرات جذرية على شكل عمارتها حيث استجلبت عناصر اختصت بها دور المدينة، على غرار الرواق الجانبي (المجنبة) والفناء (الحوش) والمطبخ والمطهر والمذهب (الدويرية). في زمن اكتسح فيه العمران مناطق الجنان، وانتشرت بها العمائر الجماعية والمساكن الفردية من نوع الفيلاّ، وغدا هذا النمط من السكن في طريق الاندثار، بقي برج القلال شامخا بنمطه المعماري الأصلي وبنشاطه الثقافي الدائب. يتكون هذا الفضاء من حوش يفتح في أحد جوانبه رواق محمول على عقدين، يؤدي إلى غرفة سكن وإلى فراغات الخدمات (دويرية)، ويتقدم نواة البرج الذي يتوسطه فناء مغطى وتفتح فيه باقي الغرف. تشرف على تنشيط فضاء برج القلال جمعيات ثقافية تفتحت على محيط مقرها فنظمت الورشات والمراسم المخصصة للناشئة للنهل من عيون الفن ومراتعه الخصبة، ونظمت الملتقيات والعروض والمعارض، فأشعت بذلك أيما إشعاع، إلى درجة أن أصبحت مواعيد البرج من أهم التظاهرات الثقافية بالجهة، التي تجلب جمهورا عريضا.

اقرأ المزيد