التواصل الحضري التاريخي المعماري
الصناعات التقليدية
العمارة السكنية والفضاءات الثقافية
تعايش ديني حضري تاريخي
المتاحف وصفاقس والبحر‎
اكتشف

جامع سدي بو شويشة

عندما نقترب من مدينة صفاقس العتيقة من الجهة الجوفية، تلوح لنا مئذنة جامع سيدي بو شويشة شامخة من وراء الأسوار، وحين نتخطى باب الجبلي، يعترضنا ذلك المسجد الذي يحمل اسم رجل عُرف حسب ما يبدو بناصيته (شويشة)، ويذكر المؤرخون أنه كان يرابط هناك ويحرس باب المدينة.

جامع سدي بو شويشة

عندما نقترب من مدينة صفاقس العتيقة من الجهة الجوفية، تلوح لنا مئذنة جامع سيدي بو شويشة شامخة من وراء الأسوار، وحين نتخطى باب الجبلي، يعترضنا ذلك المسجد الذي يحمل اسم رجل عُرف حسب ما يبدو بناصيته (شويشة)، ويذكر المؤرخون أنه كان يرابط هناك ويحرس باب المدينة. في مبتدئه، كان المسجد يحتوي على صحن صغير وبيت صلاة متواضع، سقفه محمول على عقود جلبت عناصرها من المواقع الأثرية المتناثرة بالجهة، ثم تمت توسعته في العهد المرادي (ق 17م) بضم ذلك الصحن ومصلى مجاور، مما استوجب تهيئة محراب جديد قد أطّر بحجر الكذال المهندم ومربعات من الخزف. لكن ما يميز عمارة هذا الجامع صومعته المرتفعة وواجهته الرئيسية. من الواضح أن مئذنة مسجد سيدي بو شويشة مستلهمة من صومعة الجامع الكبير في شكلها العام وفي مكوناتها، إذ تتركب من جذعين هرميين، يفصل بينهما شريط مسنن ويعلوهما جامور مرفوع على أربعة أعمدة صغيرة تغطيه قُـبَـيْـبة مرتفعة وملساء. الجذع السفلي منه محلًّى بشريط من المفردات الدائرية المنقوشة على الحجر. أما العلوي، ففضلا عن شريط من نفس الزخرف، فهو ينتهي بشرفات تعلو نقيشة كتابية محفورة ومؤطرة. تطل واجهة جامع سيدي بو شويشة الرئيسية على نهج سيدي عبد القادر من الجهة الشمالية وتحتوي على باب المدخل المؤطر بجهاز من الحجر المهندم، والذي يمتاز بثراء عناصره ودقة تنفيذها. يحمل الباب زخرفا مسماريا بسيطا لكنه يتوسط إطارا يتكون من عضادتين وعدد من الأشرطة الحجرية المزخرفة وساكف مزدوج يحمل كتابة بالخط الكوفي المزهر ما بين مفردتين دائريتين، ويعلوه مسطح يليه شريط كتابي والكل مؤطر بإفريز مسنن. تتوسط هذا الجهاز نافذتان متناظرتان شباكهما الحديديتان من نوع "الزلابيا" التقليدية، ويعلوهما قوسان مصمتان ومتوأمان يحيطان بلوحين يحملان كتابتين تؤرخان لترميم المعلم ومن قام بذلك من البنائين المهرة الذين ينتمون إلى عائلة "القطي" التي اشتهر أبناؤها بنقل معارف العمل المتعلقة بالبناء وتداولها كابرا عن كابر. في أسفل جدار الواجهة وعلى يسار مدخل الجامع، كشفت الترميمات على ما كان يسمى "مصاصة" وهي عبارة عن جرة كبيرة الحجم، يخرج منها أنبوب من النحاس، يمتص منه الماء كل من أراد ذلك من المارة العطشى في زمن ولّى وانقضى. ينتمي هذا الجهاز المعروف بالسبيل إلى نظام السقاية الحضري الذي كان سائدا بالمدن العتيقة.

اقرأ المزيد