التواصل الحضري التاريخي المعماري
الصناعات التقليدية
العمارة السكنية والفضاءات الثقافية
تعايش ديني حضري تاريخي
المتاحف وصفاقس والبحر‎
اكتشف

الجنان

تمثل جنان صفاقس (تستعمل الكلمة محليا في صيغة الجمع للدلالة على المفرد) سكنا ضحويا منتثرا وشبه حضري وقد كان في مبتدئه سكنا صيفيا موسميا لقاطني المدينة. عندما يضع فصل الشتاء أوزاره، ويستبدل شجر اللوز حلته البيضاء بخضرة ثماره، يتهيأ سكان المدينة، منذ أواخر الربيع وقبل أن تلفحهم حرارة الصيف، للتحول إلى جنانهم، بعيدا عن اكتظاظ المدينة وازدحامها، ولا يبرحونها إلا بعد هطول غسالة النوادر في آخر الصيف أو أول أيام الخريف، وهي مطر يرطب حرارة الطقس ويبشر بعام خير ورخاء.

الجنان

تمثل جنان صفاقس (تستعمل الكلمة محليا في صيغة الجمع للدلالة على المفرد) سكنا ضحويا منتثرا وشبه حضري وقد كان في مبتدئه سكنا صيفيا موسميا لقاطني المدينة. عندما يضع فصل الشتاء أوزاره، ويستبدل شجر اللوز حلته البيضاء بخضرة ثماره، يتهيأ سكان المدينة، منذ أواخر الربيع وقبل أن تلفحهم حرارة الصيف، للتحول إلى جنانهم، بعيدا عن اكتظاظ المدينة وازدحامها، ولا يبرحونها إلا بعد هطول غسالة النوادر في آخر الصيف أو أول أيام الخريف، وهي مطر يرطب حرارة الطقس ويبشر بعام خير ورخاء. خلال مُقامهم بالجنان، في منازل يسمى الواحد منها برجا، يتمتع السكان بهوائها الطلق وبغلال الأشجار التي تنمو بها كالمشمش والتفاح والإجاص والعنب والتين الشوكي (الهندي) وغيرها، وبأريج زهر الفل والحبق والياسمين. لكن النساء تتولى في الأثناء تجفيف شرائح التين والطماطم وعناقيد العنب الذي تتحول حباته إلى زبيب تُطبخ به شرمولة عيد الفطر التي تصاحب السمك المالح. وقبل العود إلى المدينة، تتولى النساء إعداد العولة التي تمثل المؤن السنوية من الكسكسي المستخرج من القمح وكذا المحمص، والملثوث المستخرج من حب الشعير ومثيلها من مستخرجات الحبوب مثل التشيش (دشيش) وتشيش الخبز...) يتوسط الجنان مبنى الإقامة وهو البرج، وقد سمي هكذا لنمط عمارته. كان شكل الأبراج الأولى التي ظهرت حسب ما يبدو في أواخر القرن السابع عشر بضاحية المدينة (الغابة) هرميا وشبه دفاعي، لكنه لا يتضمن فناء كدور المدينة، إنما يتكون من طابقين اثنين ليس لهما من فتحات سوى باب المدخل وعدد من الكوات المرتفعة (بناجر). في فترة لاحقة، لما استتب الأمن في ظاهر المدينة وتطورت أنماط العيش بها وأثرت جراء عائدات الفلاحة والتجارة، وضاقت بقاطنيها، بدأ عدد من سكان المدينة ينتقلون إلى الأبراج ويستقرون بصفة دائمة بالجنان. وبذلك شهدت تلك المساكن تغييرات جذرية على نمط عمارتها، حيث توسعت واستجلبت عناصر معمارية اختصت بها دور المدينة، على غرار الرواق (المجنبة) والفناء ولكنه غير مركزي (الحوش)، والمطبخ والمطهر والمذهب (الدويرية)، وانتفت بالتالي الصبغة المعمارية الدفاعية. اليوم، اكتسح العمران مناطق الجنان، وانتشرت بها العمائر الجماعية والمساكن الفردية من نوع الفيلاّ، وغدت الأبراج إرثا في طريقه إلى الاندثار، مما أثار تحرك الجهات المكلفة بالتراث وعددا من قاطنيها المتنورين وبعضا من مكونات المجتمع المدني لمحاولة المحافظة وإن على عدد محدود من تلك الأبراج، باعتبارها شواهد على فترة من تاريخ المدينة العمراني وعلى نمط معماري تاريخي متفرد.

اقرأ المزيد