التواصل الحضري التاريخي المعماري
الصناعات التقليدية
العمارة السكنية والفضاءات الثقافية
تعايش ديني حضري تاريخي
المتاحف وصفاقس والبحر‎
اكتشف

أسوار المدينة

تحيط الأسوار بمدينة صفاقس العتيقة كسوار يُوشِّي معصم عروس ليلة جلوتها، أو مثل سفاقس يلتف بلطف ورقة على خصرها من كل جانب في عشق أزلي، وسفاقس هو إزار كان البربر يحتزمونه، مما جعل سكانها الأول هكذا يسمونها. لقد أولاها أبناؤها عناية موصولة من ترميم وصيانة، فأوقفوا لذلك بكل سخاء ريع بعض من عقاراتهم في نطاق نظام الأحباس، محافظة على سلامتها وتخطيطها منذ تأسيسها في القرن الثالث الهجري، تزامنا مع تشييد الجامع الأعظم. أما اليوم، فالدولة التونسية هي التي أخذت على عاتقها مهمة صيانة هذا المعلم المرتب ضمن التراث الوطني، والمحافظة على أصالته التاريخية. تبلغ الأسوار ما يزيد عن ألفي متر طولية، محيطة بالمدينة العتيقة في شكل مستطيل يمسح 24 هكتارا. ويتوج هذا البناء الشامخ خط من الشرفات المسننة ويجلله عدد من الحصون والأبراج ذات الأنماط المختلفة منها المربع والمستطيل والمسدس، والتي يربط بينها ممشى للعسس، إضافة إلى الحصون الضخمة التي شيدت في أركانه الأربعة وهي برج النار وبرج مسعودة والقصبة وبرج القصر.

أسوار المدينة

تحيط الأسوار بمدينة صفاقس العتيقة كسوار يُوشِّي معصم عروس ليلة جلوتها، أو مثل سفاقس يلتف بلطف ورقة على خصرها من كل جانب في عشق أزلي، وسفاقس هو إزار كان البربر يحتزمونه، مما جعل سكانها الأول هكذا يسمونها. لقد أولاها أبناؤها عناية موصولة من ترميم وصيانة، فأوقفوا لذلك بكل سخاء ريع بعض من عقاراتهم في نطاق نظام الأحباس، محافظة على سلامتها وتخطيطها منذ تأسيسها في القرن الثالث الهجري، تزامنا مع تشييد الجامع الأعظم. أما اليوم، فالدولة التونسية هي التي أخذت على عاتقها مهمة صيانة هذا المعلم المرتب ضمن التراث الوطني، والمحافظة على أصالته التاريخية. تبلغ الأسوار ما يزيد عن ألفي متر طولية، محيطة بالمدينة العتيقة في شكل مستطيل يمسح 24 هكتارا. ويتوج هذا البناء الشامخ خط من الشرفات المسننة ويجلله عدد من الحصون والأبراج ذات الأنماط المختلفة منها المربع والمستطيل والمسدس، والتي يربط بينها ممشى للعسس، إضافة إلى الحصون الضخمة التي شيدت في أركانه الأربعة وهي برج النار وبرج مسعودة والقصبة وبرج القصر. في مبتدئه، بُني هذا المعلم بالطوب كما يقول المؤرخون بارتفاع يتراوح بين 8 و15 مترا، ثم جدد تدريجيا بحجارة الدبش المحلي وملاط من الجير، بتقنية اللفة وهو أن يكون الجدار مستقيما من الداخل ومائلا من الخارج.  لقد تجلت من خلال ذلك التشييد معارف العمل المتراكمة في صناعة البناء كما يقول ابن خلدون، إذ يُربط البناء بدفن أغصان من شجر العرعر (عود عياري) في داخل الجدران أو بطريقة السلاسل الأفريقية (نقول اليوم التونسية) التي ابتدعها البناؤون المحليون في العصور القديمة وانتشرت في بلدان حوض المتوسط، أي على منظومة الحجر القائم والحجر النائم التي تشد البنيان إلى بعضه بعضا. في ما مضى، كان بابان يخترقان أسوار المدينة ويؤديان إلى أعماق أحيائها: أولا الباب الجبلي الذي يفتح على الأرباض ومنطقة الجنان بمساكنها الضحوية (الأبراج)، ثم على ظهيرها من حقول الأشجار المثمرة (بورة) وغابات الزياتين الممتدة (حوازة)، وثانيا باب الديوان الذي يواجه البحر والوحدات العمرانية التي أنشأت في عهد الاستعمار، بعد دفن مساحات منه. تحلي هذين البابين التاريخيين أطر من الحجر المهندم تتخللها نقائش كتابية تخلّد أسماء من أنجزها من البنائين ومن أمر بذلك. أما اليوم، فما لا يقل عن 15 فتحة تيسر المرور عبر أنهج هذه المدينة العريقة وأسواقها النافقة التي تعبق نشاطا وحركية، وتصلها بباقي الوحدات العمرانية. إن أسوار صفاقس لم تشكل يوما حاجزا عن توسع عمرانها في كل الاتجاهات، فقد امتد البنيان حولها من كل جانب في تناغم وتكامل بما في ذلك اكتساح البحر، إن في مستوى الوظائف وإن في مستوى التواصل الحضري، بل تعتبر اليوم من مفاخر المدينة ومن أجلّ معالمها التاريخية. طبعت أسوار مدينة صفاقس نمط عيش ساكنيها وتقاليدهم، فنسجت حولها الذاكرة الجمعية الشعبية أساطير عجيبة تتخيل أساطير تأسيسها، وملاحم مقاومة تروي بطولات أبنائها في صدهم الغزاة والمستعمرين، وحكايات خرافية كانت تؤثث إلى عهد غير بعيد، الأسمار والسهرات العائلية. قيل إنه خلال مقاومة الأسطول الفرنسي في صيف سنة 1881، كان كلما يُدكّ من الأسوار بالنهار، يُرمّم بالليل، وإذا ما افتُقد الماء لإعداد الملاط، عُوّض بالزيت، هكذا!

اقرأ المزيد